د. محمد رضا شرفي/ ترجمة: زهراء يكانة
◄"لا يصل الإنسان في أي من مراحل حياته إلى ما من شأنه الوصول إليه. إنّ أهدافه لا تستنفد مع نهاية حياته. إنّه لا يعيش من أجل دُنياه المتعبة المتهرئة، بل إنّه خلق ليعمل دوماً على توسيع دائرة معرفته ونطاق محبّته وفاعليته. إنّ الإنسان لا يحصر إرادته في مضمار التعلُّم، والتمتُّع بالمزايا وبلوغ ما يشاء بسنين دورة حياته المجهولة". (هيرمان هارل هورن)
"تتبادل الدنيا مع الإنسان أسلوبه في التعامل معها. إنْ ضحكتم ضحكت لكم، وإن قطّبتم حاجبيكم في وجهها، فعلت ما فعلتم. إنْ تحلّيتم بالرأفة والحنان، أحاطكم الناس يحبّونكم ويفتحون خزائن قلوبهم في وجوهكم" (زيميرمان).
إنّ التحدُّث عن التفاؤل والتشاؤم يعني في الواقع دراسة توجُّهاتنا نحو عالم الوجود وقضاياه. يا ترى لِمَ يتطلّع بعض الشباب إلى الحياة بتفاؤل وينظر إليها بعضهم الآخر بتشاؤم؟ إنّ توجُّهات الشباب نحو الحياة هي حصيلة تجاربهم السابقة، إلّا أنّنا لو نقر بحقيقة إنفتاحية شخصية الشباب وإمكانية تغيُّرها، سنصل إلى هذه النتيجة وهي أنه رغم مشاهدة طابع التشاؤم لدى بعض الشباب إثر تجارب غير مرغوبة مرّوا بها في مراحل الطفولة والمراهقة؛ لكن الأمل كبير في قدرتهم على تغيير توجُّهاتهم ليستبدلوها بتطلُّعات إيجابية ثمينة.
وهنالك عدّة عوامل أساسية مؤثرة في سياق تغيير تطلُّعات جيل الشباب نتطرّق إليها بإختصار:
1- إنّ توعية الشباب وتعرُّفهم على كنه القضايا المختلفة، أمر يجب الإهتمام به بشكل جاد في بادئ الأمر لأن تكامل وتعمُّق معلوماتهم عن الأُمور يؤدي إلى تكوُّن رؤى واقعية وأكثر شفافية لديهم، فالناس "أعداء ما جهلوا"، وهذا ما يدعونا إلى القول: "إنّ المعرفة تأخذ بيد الشباب إلى ساحل التبصُّر والتعقُّل".
2- في الخطوة التالية يجب التمييز بين "الحادثة" و"تأويل الحادثة"، إذ يتم تفسير حادثة معيّنة على سبيل المثال من قبل شخصين بشكل متباين، أحدهما ينظر إليها بمنظار التفاؤل، نظرة إيجابية بنّاءة، والآخر يحسبها وفق نظرته المتشائمة، مؤسفة.
يشرح أحد الكُتّاب حال سجينين يقضيان فترة حكمهما المتساوية في سجن واحد، أحدهما يتطلّع إلى السماء الصافية المليئة بالنجوم في قلب الظلام من خلال نافذة السجن فيترنّم مع نفسه بلحن الأمل والحركة. والآخر ينظر من خلال النافذة ذاتها إلى مجرى المياه الآسنة والزقاق المليء بالأوحال فيلقن نفسه مشاعر اليأس والقنوط. بناءً على هذا، ينبغي علينا أن نساعد الشباب للأخذ بتلابيب التأويل الصحيح والإدراك الواضح لوقائع الحياة.
3- العامل الآخر هو النظرة الإيجابية عن الشباب وقضاياهم والتي تُهيِّئ الأرضية لخلق وتقوية توجُّهاتهم الإيجابية نحو مجتمعهم والبيئة الإنسانية. فلو حاول جميع مَن يكونون على ارتباط مع الشباب بشكل أو بآخر الاهتمام بالجوانب القيِّمة في شخصيات الشباب ونقاط قوّتها، سيكون النجاح حليفهم في تنمية هذه الرؤى لديهم بالشكل اللائق.
4- العلاقات الودّية الطيِّبة مع الشباب، تكون ذات فاعلية قويّة جداً خلال محاولتنا إيجاد روح التفاؤل لدى الشباب، لأن مثل هذه العلاقات البنّاءة – نظراً لما تقوم به من دور في تسديد متطلِّباتهم الروحية والنفسية – تُعزِّز ثقتهم بالآخرين وتفتح أمامهم نوافذ موثوقة على ساحة التفاؤل والرؤى الإيجابية.
5- التمتُّع بصداقات مع أصدقاء وأتراب جديرين بالصداقة قد يؤثر في تعيين توجُّهات جيل الشباب، إذ ينطلي المراهقون والشباب في أغلب الأحيان بطلاء أصدقائهم، ولهذا نُقدِّم وصايانا للشباب للإختلاط بمن يتمتّع بشخصية نافذة ومرغوبة من أجل تبنّي نظرة متسامية إلى الحياة والعالم .►
المصدر: كتاب الشباب والقوّة الرابعة للحياة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق